دوالي الخصية : الأعراض والعلاج

ما هي دوالي الخصية؟

دوالي الخصية Testicular Varicocele هي حالة مرضية تتميز باتساع وتضخم الأوردة داخل كيس الصفن scrotum، و كيس الصفن هو كيس الجلد الذي يحمل الخصيتين. هذه الأوردة هي جزء من الحبل المنوي الذي يمد الخصيتين بالدم ، وهذا التوسع في الأوردة التابعة للحبل المنوي يشبه التوسع الذي يحدث في انواع الدوالي الأخرى مثل دوالي الساقين. عندما تصبح هذه الأوردة الممتدة داخل الحبل المنوي واسعة وملتوية، يمكن أن تؤدي إلى مجموعة متنوعة من المشاكل لدى الرجل، بما في ذلك الألم، و عدم الراحة ، وارتفاع درجة حرارة الخصية ، ومشاكل الخصوبة المحتملة.

أصبحت دوالي الخصية في وقتنا هذا شائعة بنسبة كبيرة، حيث تصيب حوالي 15% من الذكور البالغين، وبعض الدراسات الحديثة تشير الى نسبة انتشار تبلغ 20% . أي انه من بين كل خمسة ذكور يوجد شخص لديه احدى درجات دوالي الخصية. في عيادات الذكورة والعقم، يمكن أن تصل نسبة حدوث دوالي الخصية إلى 40%، وفي حالات العقم الثانوي (العقم بعد انجاب الطفل الأول)، يمكن أن تصل هذه النسبة إلى حوالي 80%. هذا يعني وجود صلة قوية بين دوالي الخصية وتأخر الانجاب لدى الرجال.

أسباب حدوث دوالي الخصية

السبب الدقيق للدوالي غير مفهوم تماماً، لكن يُعتقد أنها تتطور بسبب مشاكل في الصمامات الموجودة في الأوردة التي تمنع الدم من الارتجاع إلى الخلف. عندما تفشل هذه الصمامات في أداء وظيفتها، يمكن أن يتجمع الدم في الأوردة، مما يؤدي إلى تضخمها وتوسعها . ركود الدم في هذه الأوردة يتسبب في ارتفاع درجة حرارة الخصية وزيادة الاجهاد التأكسدي بما لا يتلائم مع وظيفة الخصية في انتاج الحيوانات المنوية بشكل سليم. تحدث دوالي الخصية في الغالب في الخصية اليسرى ، ويُعتقد أن ذلك يرجع إلى الاختلافات التشريحية في كيفية تصريف الدم من خلال الأوردة المنوية اليمنى واليسرى .

الأعراض والتشخيص

قد لا يعاني العديد من الرجال المصابين بدوالي الخصية من أي أعراض. ومع ذلك، قد يلاحظ البعض وجعًا خفيفًا أو انزعاجًا أو احساس بالثقل في كيس الصفن، خاصةً بعد النشاط البدني أو الوقوف لفترات طويلة. وفي بعض الحالات، يمكن أن تؤدي هذه الدوالي إلى مشاكل أكثر خطورة، مثل ضمور الخصية (الانكماش) أو العقم. الكثير من الرجال اكتشفوا وجود دوالي الخصية لديهم عند اجراء الفحوصات الروتينية في عيادة الذكورة والعقم للكشف عن اسباب تأخر الانجاب، ودون وجود أي اعراض اخرى كالألم أو الاحساس بالثقل في الخصية.

يتضمن التشخيص عادةً الفحص اليدوي الاكلينيكي، حيث يتحسس الطبيب الأوردة المتضخمة في كيس الصفن. وقد يطلب الطبيب المتخصص في امراض الذكورة والعقم من المريض السعال أو الحزق ( كما يحدث عند التبرز)  فيما يعرف ب Valsalva maneuver للمساعدة في الاحساس بالأوردة المتضخمة.  في بعض الحالات، يمكن استخدام الموجات فوق الصوتية (السونار) لتأكيد التشخيص وتقييم درجة الدوالي.

التأثير على الخصوبة

تشير الأبحاث إلى أن الدوالي يمكن أن تؤثر سلباً على إنتاج الحيوانات المنوية وشكلها وحركتها ووظيفتها . يمكن أن يؤدي تجمع الدم في الأوردة إلى زيادة درجة الحرارة في الخصيتين، مما يضر بانتاج ونمو الحيوانات المنوية والتي تكون حساسة للتغيرات في درجات الحرارة،حيث ان ارتفاع درجة حرارة الخصية يمكن أن إلى إضعاف العدد والجودة والحركة.

وقد أظهرت الدراسات أن الرجال الذين يعانون من دوالي الخصية غالباً ما يكون لديهم عدد أقل من الحيوانات المنوية بالاضافة الى انخفاض حركتها (قدرة الحيوانات المنوية على السباحة) ومعدلات أعلى من أشكال الحيوانات المنوية غير الطبيعية (تشوهات الرأس والجسم والذيل). يمكن أن تساهم هذه العوامل في ضعف قدرة الحيوان المنوي على اختراق جسم البويضة الانثوية وحدوث الحمل بشكل سليم.بعض الدراسات والتقارير اقترحت احتمالية وجود علاقة بين دوالي الخصية وسرطان الخصية ولكن ليس هناك دليل علمي مؤكد على هذه العلاقة ، وبالتالي مزيد من الابحاث والاحصائيات مطلوبة لاثبات امكانية ان تتسبب دوالي الخصية في حدوث الأورام السرطانية على الخصية.

الوسائل العلاجية لدوالي الخصية

الجراحة:

 يتضمن ذلك إجراءً يسمى استئصال الدوالي، حيث يتم إزالة الأوردة المصابة جراحياً أو ربطها مما يساعد في تحسين تدفق الدم ومنع ركوده، مما يؤدي بعد الاستشفاء من آثار العملية الى تخفيف الأعراض وتحسين الخصوبة في بعض الحالات. تُجرى الجراحة عادةً تحت تأثير التخدير العام ولها معدل نجاح جيد جدا. الآن اصبحت الجراحة الميكروسكوبية لاستئصال الدوالي هي الخيار الاساسي لمعظم أخصائيو الذكورة والعقم ، حيث تساعد الرؤية المعظمة تحت الميكروسكوب على زيادة كفاءة ودقة الاجراء الجراحي والتفريق بين الشرايين والأوردة داخل الحبل المنوي مما يساعد في تفادي ربط أو قطع الشرايين المغذية للخصية ، والذي إن حدث قد يؤدي الى فشل الاجراء العلاجي وضمور الخصية.

الانصمام Embolization :

 الانصمام يعتبر اجراء اكثر تحفظا وفيه يستخدم أخصائي الأشعة العلاجية تقنيات التصوير لتوجيه قسطرة إلى الأوردة المصابة.ثم يتم وضع لفائف أو جزيئات صغيرة في الأوردة لمنع تدفق الدم مما يؤدي إلى انكماش الأوردة.تتميز هذه الطريقة بفترة نقاهة أقصر مقارنةً بالجراحة , هذا النوع من العلاج قد يكون مفضلا من بعض المرضى نظرا لطبيعته الأقل تدخلا.

تأثير العلاج 

تؤدي الازالة الاجراحية للأوردة المتضخمة الى تحسن تدفق وتصريف الدم من وإلى الخصية وتنجب ركود الدم في الأوردة المرتبطة بالحبل المنوي مما يساهم  في تحسن جودة الحيوانات المنوية والخصوبة.أظهرت الدراسات أن علاج دوالي الخصية يمكن أن يؤدي إلى زيادة عدد الحيوانات المنوية وزيادة سرعتها وحركتها وتحسين فرص الحمل الطبيعي. ومع ذلك، لن يشهد جميع المرضى نفس المستوى من التحسن، وقد يحتاج بعضهم إلى علاجات خصوبة إضافية. يجب الاشارة الى ان حدوث تحسن في الحيوانات المنوية لا يتم مباشرة بعد الاجراء الجراحي ولكن يستغرق مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر حيث أن إنتاج الحيوانات المنوية يتسغرق عادةً حوالي  72 يومًا ، وفي عدد كبير من المرضى قد يستلزم الأمر الانتظار الى فترة من 6 اشهر الى سنة حتى يكون متاح الحكم على نتيجة الاجراء العلاجي ، قد يوصف أخصائي الذكورة والعقم بعض العلاجات الدوائية للمريض بعد الجراحة كالفيتامينات ومضادات الأكسدة لاحداث تأثير تحفيزي من العلاج الجراحي والعلاج الدوائي معا بما قد يساهم في زيادة تحسن قدرة الحيوانات المنوية على التخصيب وحدوث الحمل الطبيعي. 

هل يمكن الوقاية من دوالي الخصية؟