نظرة عامة على سرطان الرئة
يمثل العلاج المناعي لسرطان الرئة أملا جديدا و ملاذا محتمل في علاج سرطان الرئة , حيث لا يزال سرطان الرئة يمثل تحديًا صحيًا كبيرًا على مستوى العالم، وذلك كونه سبب رئيسي في حدوث الوفيات المرتبطة بالسرطان. ولا شك أن الأشخاص المدخنين هم الأكثر عُرضة للإصابة بمرض سرطان الرئة. وكلما زادت فترة التدخين وزاد عدد السجائر التي يدخنها الشخص المدخن كلما زادت فرصة واحتمالية اصابته بسرطان الرئة. هذا لا يعني أن الأشخاص الغير مدخنين غير معرضين هم الآخرين للاصابة بسرطان الرئة حيث تلعب العوامل الجينية والوراثية دورا هاما في حدوث هذا النوع من السرطان. علاوة على التدخين والتاثير الجيني هناك عوامل الأخرى لها دور في حدوث سرطان الرئة منها التعرض لللتدخين السلبي ، والتعرض للتلوث والمسرطنات , والتعرض لعلاج اشعاعي سابق. ان علاج سرطان الرئة على مدى سنوات عديدة كان يعتمد على العلاج الجراحي والعلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي كعلاجات اساسية. ومع ذلك، غالباً ما تأتي هذه العلاجات مصحوبة ببعض القيود، بما في ذلك الآثار الجانبية واحتمالية عودة السرطان بعد العلاج.
العلاج المناعي لسرطان الرئة
يمثل العلاج المناعي جبهة جديدة في علاج انواع السرطانات المختلفة ، حيث أن آلية عمل العلاج المناعي لسرطان الرئة تكون من خلال تعزيز قدرة الجهاز المناعي على التعرف على الخلايا السرطانية وتدميرها. يتم ذلك من خلال مثبطات نقاط التفتيش المناعية واللقاحات العلاجية والعلاجات بالخلايا الجذعية الذاتية. مثبطات نقاط التفتيش Immune Checkpoint Inhibitors، على سبيل المثال، هي أدوية تساعد الجهاز المناعي على التعرف على الخلايا السرطانية عن طريق حجب البروتينات التي تمنع الاستجابات المناعية. هذا وقد أظهرت الدراسات الاكلينيكية نتائج واعدة في علاج سرطان الرئة، خاصةً لدى المرضى الذين لا تحتوي أورامهم على طفرات جينية محددة يمكن استهدافها بعلاجات استهدافية أخرى.
ان الجهاز المناعي للانسان قد تم تصميمه من قبل الخالق على أن يكون له القدرة على تحديد الخلايا الشاذة والقضاء عليها، بما في ذلك الخلايا السرطانية. ومع ذلك، يمكن للخلايا السرطانية أن تطور آليات للتهرب من قدرة الجهاز المناعي على اكتشاف هذه الخلايا وتدميرها. وهنا يأتي دور العلاج المناعي للسرطان، حيث يهدف إلى استعادة قدرة الجهاز المناعي على التعرف على هذه الخلايا السرطانية ومهاجمتها بفعالية.
أظهرت احدى التجارب الكلينيكية فعالية كبيرة للعلاج المناعي لدى مرضى سرطان الرئة.،حيث اعتمد العلاج المناعي في هذه التجربة على استهداف مساري الموت المبرمج programmed cell death للخلايا السرطانية و أظهرت استجابات كبيرة ودائمة لدى العديد من المرضى. وقد كانت هذه العلاجات مفيدة بشكل خاص للمرضى الذين يعانون من سرطان الرئة غير صغير الخلايا (Non-small cell lung cancer)، وهو احد أكثر أنواع سرطان الرئة شيوعًا. على الرغم من أن هذه العلاجات يمكن أن تؤدي إلى تحسن ملحوظ في معدلات البقاء على قيد الحياة five-year survival rate، إلا أنه ليس شرط أن يستجيب جميع المرضى بنفس القدر، بالاضافة الى امكانية حدوث بعض الآثار الجانبية مثل الالتهاب الرئوي.
على الرغم من التقدم الملحوظ في العلاج المناعي لسرطان الرئة، الا انه ما زال هنك العديد من القيود التي لا تزال قائمة. تتمثل إحدى العقبات الرئيسية لهذا النوع من العلاج في تباين استجابات المرضى للعلاج. فبينما يحصل بعض المرضى على نتائج شفاء واعدة، قد لا يستجيب آخرون على الإطلاق. وبالتالي فان صعوبة التنبؤ بتأثير العلاج المناعي يتطلب من الباحثين ايجاد دلالات حيوية biomarkers تساعد في التشخيص وفي التنبؤ بمدى استجابة المريض للعلاج المناعي. يمكن أن تساعد هذه الدلالات الحيوية في تخصيص العلاجات لكل مريض على حدة، مما يحسن نتائج الشفاء.
من التقنيات المستخدمة أيضا في علاج السرطان إمكانية الجمع بين العلاج المناعي وطرق العلاج الأخرى. على سبيل المثال، قد يؤدي الجمع بين العلاج المناعي والعلاج الكيميائي أو العلاجات الموجهة Targeted therapy إلى تعزيز وزيادة فعالية العلاج بشكل عام. يمكن أن يسهم هذا الدمج بين العلاجات المختلفة في التغلب على بعض القيود المرتبطة بالعلاجات الأحادية وتوفير استراتيجية أكثر شمولاً وتأثيرا لمجابهة سرطان الرئة.
كيف يمكن الوقاية من سرطان الرئة ؟
ما زال العلاج المناعي لسرطان الرئة في حاجة الى مواصلة البحث العلمي لفهم آليات عمله وتأثيره بشكل أفضل، وتحديد فئات المرضى الذين سيستفيدون أكثر من غيرهم، وتطوير استراتيجيات جديدة لتعزيز وتحسين فعالية العلاج. يأمل الباحثين في ان التطورات المستمرة للعلاج المناعي ، سوف تؤدي إلى تحسين معدلات البقاء على قيد الحياة ، بالاضافة الى تحسين جودة حياة مرضى سرطان الرئة.
المصدر:
Lung cancer immunotherapy: progress, pitfalls, and promises – PMC (nih.gov)